الطائف مرة أخرى
إبعدوا عن اتفاق الطائف ودستوره هذه الكأس التي لا تخلو من السموم والمكامن والالغام.
فلبنان يحتاج الى طروحات تساهم في اعادة لحمته، وتقريب المسافات بين الشعوب والقبائل بعد تلك الغزوات، وتوجيه كل الاهتمامات صوب تكريس الاستقرار والتنمية، وصوب المواضيع التي تجمع لا تفرق، والتي تعود على الناس بالنفع والخير، ولا تعيد الدببة الى الكروم.
كانت دنيا لبنان تتجه باهتمام صوب الانتخابات النيابية ونزالاتها التي يصح القول فيها انها ستكون مصيرية، فاذا بهم يقفزون من فوق هذا الاستحقاق ليطرحوا موضوعا "مزلزلا" عنوانه اعادة النظر في الطائف.
في زمن اتفاق الدوحة المقلقز، بل الواقف على شوار، وعشية معاودة الحوار حول طاولة بعبدا، ابى بعضهم، الا ان يصطاد في الماء العكر… سعيا الى استرجاع اجواء ما قبل الطائف لغايات في نفس اكثر من يعقوب واحد.
يعلم حملة "مشعل" اثارة الضوضاء والجدل مجددا حول الطائف، ودفع البلد الى جعجعة جديدة في هذا الاتجاه، انهم يحصدون في حقل من الماء، ويغطون جرارهم في جدول لا ماء فيه.
اول الامر، واول الاوليات في مجال الطائف وتحسين ادائه، وجعل لبنان يستفيد من مضمونه و"افكاره"، ان يتجند المطالبون بالتعديل للعمل على اتمام ما نص عليه هذا الاتفاق، واكمال مسيرته التي وضعت الدولة والمؤسسات على السكة الصالحة والسالكة.
واذا كان الهدف خدمة لبنان حقا وفعلا، لا خربطته وزجه مرة اخرى في غابة الفوضى غير الخلاقة، والتشرذم، و"حروب الهوية"، فأضعف الايمان ان تهب القيادات والمرجعيات و"الشعوب"، متصدية لهذه اللعبة الجهنمية التي لا تخبئ في ثناياها سوى الشرور والخراب.
وفي رأي كثيرين من المعنيين بهذه القضية "الطارئة"، انه قبل البحث في اي امر يتعلق بالطائف، والتعديل، واعادة النظر، علينا تطبيقه واستكمال ما ورد فيه من اصلاحات عل مختلف الصعد.
والرئيس ميشال سليمان، الذي يطرح مع زواره هذه القضية، يعتقد ان من الاولى والاجدى ترجمة ما جاء في الطائف على الارض، وخصوصا لجهة اللامركزية الادارية، باعتبارها تحقق الانماء المتوازن.
اتفاق الطائف اوقف كل الحروب التي كانت تتزاحم وتتواجه على الساحة اللبنانية. وصار دستورا وميثاقا جديدا. وصار حزام امان لهذه الشعوب والقبائل الدائمة التناحر والتقاتل، فكيف نخربطه؟ الا اذا كان في النية خربطة لبنان من اول وجديد…