القوات اللبنانية عن جريدة النهار
إبعدوا عن اتفاق الطائف ودستوره هذه الكأس التي لا تخلو من السموم والمكامن والالغام.
فلبنان يحتاج الى طروحات تساهم في اعادة لحمته، وتقريب المسافات بين الشعوب والقبائل بعد تلك الغزوات، وتوجيه كل الاهتمامات صوب تكريس الاستقرار والتنمية، وصوب المواضيع التي تجمع لا تفرق، والتي تعود على الناس بالنفع والخير، ولا تعيد الدببة الى الكروم.
كانت دنيا لبنان تتجه باهتمام صوب الانتخابات النيابية ونزالاتها التي يصح القول فيها انها ستكون مصيرية، فاذا بهم يقفزون من فوق هذا الاستحقاق ليطرحوا موضوعا "مزلزلا" عنوانه اعادة النظر في الطائف.
في ظل فلتان الوضع السياسي والفوضى الدستورية اللذين يطبعان الواقع اللبناني اليوم، لا ينفك رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني يطلق الصرخة لتصويب المسار، ويؤكد ضرورة اجراء انتخابات نيابية على اساس النسبية، ينبثق منها نظام حكم حديث وطبقة سياسية جديدة، فتستقيم الامور وتعود الشرعية الى البلاد والمؤسسات. فهل الأمر ممكن ومتاح في هذه الظروف والاحوال؟
■ ما رأيك في الجدل القائم حول البيان الوزاري؟
يأتي مؤتمر الحوار الوطني في الدوحة بعد لقاءات عديدة بين القوى السياسية اللبنانية كان ابرزها مؤتمر الطائف في السعودية (1989) الذي وضع حداً للحرب:
– جنيف (31 تشرين الأول – 4 تشرين الثاني 1983): عقد مؤتمر حوار وطني في جنيف برعاية سوريا والسعودية وبمشاركة الرئيس امين الجميل وممثلي التشكيلات السياسية والمسلحة الرئيسية ومن بينهم الزعيم الدرزي وليد جنبلاط والزعيم الشيعي نبيه بري.
واكد المشاركون عروبة لبنان وطالبوا بالغاء اتفاق 17 أيار 1983 الموقع بين لبنان واسرائيل برعاية الولايات المتحدة.
حين يدعو الرئيس أمين الجميل إلى تصويبِ اتفاق الطائف وتطويرِه يعني أنه يعترف به، فليس مَن يُصوِّب ما لا يتمنى نجاحَه، وليس مَن يطوّر ما لا يريد استمراره. لكنَّ اتفاق الطائف، كسائر الاتفاقات الميثاقـيّـةِ والدستوريّـة اللبنانية، وُضع تحت ضغطِ وضعٍ عسكريٍّ متفجِّر، وتدخُّـلٍ خارجيٍّ مؤثِّر، فأتى اعتباطياً يعالج مأزقاً ظرفـيّـاً على حساب الجوهر والمصير. تَـعلّـق به السنّـةُ إذ ضاعف صلاحـيّـاتِهم. مشى به الشيعةُ قبلَ أن يَتجاوزَه "حزبُ الله" ويُنشِئُ دولته. لم يُـبالِ به الدروزُ لأن دائرةَ نفوذِهمِ قائمةٌ، ومجلسَ الشيوخ ظلّ وعداً.
ترى أوساط سياسية ان المطالبة بتشكيل الهيئة الوطنية للبحث في الغاء الطائفية تنفيذا لما نص عليه اتفاق الطائف، لا تستوجب اثارة كل هذا الضجيج وكأن "عملية الإلغاء ستتم غدا، مع ان عقبات كثيرة تواجه ذلك". فقد سبق للرئيس نبيه بري ان دعا الى تشكيل هذه الهيئة خلال عهد الرئيس الياس الهراوي ولم تستجب دعوته من مرجعيات دينية وسياسية على رغم ان الشعور الوطني يومذاك كان افضل بكثير مما هو عليه اليوم امام تنامي الشعور المذهبي والطائفي بحيث بات لكل مذهب او طائفة حزب يعيش على المذهبية او حزب مسلح اقوى من الدولة، وهو ما ينبغي معالجته قبل اي شيء آخر كي تنطلق الدعوة الى الغاء الطائفية من موقعها الصحيح.
لبنان يعيش في ظل إدارة لبنانية - سورية - عربية - إقليمية - دولية لشؤونه وتوجهاته تتكون من العناصر الأساسية الآتية: أولاً - انتقال الدور السوري من مرحلة حكم لبنان الى مرحلة امتلاك نفوذ فيه، ثانياً - إصرار اللبنانيين في غالبيتهم الواسعة على التمسك باستقلا ل بلدهم وسيادته، ثالثاً - حرص السعودية المدعومة عربياً ودولياً على رعاية مسار العلاقات بين الدولتين اللبنانية والسورية من أجل تحسينها ومنع هيمنة دمشق على الشؤون اللبنانية مجدداً، رابعاً - وجود حماية دولية للبنان المستقل وجهود لمنع جهات إقليمية من إبقائه ساحة مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، خامساً - وجود "ضغط" أميركي - دولي - عربي على نظام الرئيس ب
1 – الطائف
في بداية السنة الثانية والعشرين لمصادقة مجلس النواب على اتفاق الطائف، وانتخاب الرئيس الشهيد رينه معوّض، في قاعدة القليعات الجوية (5/11/1989)، يُسَجَّلُ تناقض فاضح ومفضوح، لا يفتأ يتجدّد موسميّاً، لصرف الانظار عن الواقع، ويتجلّى باطلاق الدعوات الزائفة لتطبيق "وثيقة الوفاق"… فثمة مسؤولون كبار ينادون، بالصوت المدوّي، ان لا حلّ (للازمة اللبنانية) إلاّ بالعودة الى اتفاق الطائف… وفي الوقت عينه، يستمرّون في اتخاذ المواقف التي تنقض الاتفاق من اساسه، نصاً وروحاً!
يقول نواب شاركوا في لقاءات الطائف التي انتهت بوضع دستور جديد للبنان، إن اعتقاد البعض ان القبول بتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية كان خطأ، وربما كان من اسباب ما يتعرض له لبنان من ازمات عند كل استحقاق، وبات لا بد من استعادة بعض هذه الصلاحيات كي تستقيم الامور، هو اعتقاد في غير مكانه الصحيح.
استوقفني، بل هالني كلام منسوب إلى رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" الجنرال ميشال عون، يهجو فيه اتفاق الطائف بألذع الأوصاف وأبشع النعوت.
حتى أنه لا يتردّد في تشبيهه بـ"المزبلة".
وتلافياً لأي التباس، رأيتُ أن أعيد نشره هنا، وإن تكن الفضائيّات والأرضيّات، فضلاً عن المسموع والمقروء، لم تقصّر في هذا الصدد.