المسيحيون اللبنانيون وداعًا

النوع: 

 

كان المسيحيون اللبنانيون طرفا أساسيا في اتفاق الطائف، فأصبحوا في اتفاق الدوحة منشدي »كورال« يقفون بجانب، أو خلف الأطراف الرئيسة في الحوار، وبهذا المعنى يمكن القول إن الطائف كان اتفاقا للمحافظة على التركيبة اللبنانية بصيغتها التاريخية، في حين أن الدوحة بداية لتغيير هذه الصيغة وربما غيابها، ونقل المسيحيين إلى موقع يشبه موقع المسيحيين في العراق، أو »البدون« في دول الخليج، مواطنون بلا صوت أو وزن.

هذا التغيير في موقع المسيحيين على الخارطة السياسية اللبنانية لم يظهر فجأة في الدوحة، فحرب أيار الماضي أعلنت عن هذا التغيير صراحة، فالزحف جاء من الضاحية الجنوبية إلى بيروت الغربية، فخلال تلك الأيام استبدل اللبنانيون الحرب المذهبية، بالطائفية، ومن يستعيد قصص الحرب الأهلية اللبنانية، وأسماء القاتل والقتيل و يقارنها بمثيلاتها خلال احتلال »حزب الله« لبيروت الغربية، سيدرك أن المسيحي كان خارج الصورة، كان خارج الهدف والوطن. فما جرى تهميش لوجوده وموقعه ودوره.

هل كان هدف »حزب الله« تحرير لبنان من الوجود المسيحي؟ النتيجة تقول نعم حتى لو لم يقصد، فالانقسام الذي أحدثه الحزب، بإذكاء النزعة المذهبية بين المسلمين، ونقل السنة بالإكراه من مركز التقاء إلى طرف في الصراع غيب المسيحيين وهمشهم، فوجد المسيحيون أنفسهم للمرة الأولى في تاريخ لبنان وسط أزمة ليسوا طرفا فيها، فضلاعن أن وجود النائب ميشال عون وتياره خلف مشروع »حزب الله« المرتبط بأهداف غير لبنانية، غيب ملامح الحقبة الموحشة التي يتجه إليها لبنان.

من المؤسف أن بعض الزعامات المسيحية اللبنانية لا يزال يتعامل مع كل ما جرى باعتباره فصلًامن فصول الأزمة اللبنانية في شكلها التقليدي، متجاهلًاالخطر الاستراتيجي الذي أحدثه انقلاب »حزب الله« على دور السنة في لبنان وموقعهم بين الطوائف، ومستقبل التركيبة اللبنانية والوجود المسيحي فيها، فلبنان ما بعد اتفاق الدوحة لن يكون وطنا لاحتضان المسيحيين، ولا حتى لاضطهادهم، فـ »حزب الله« اخرج المسيحيين من دون أن يقول لهم حتى وداعًا.

التاريخ: 
الاثنين, يونيو 30, 2008
ملخص: 
يمكن القول إن الطائف كان اتفاقا للمحافظة على التركيبة اللبنانية بصيغتها التاريخية، في حين أن الدوحة بداية لتغيير هذه الصيغة وربما غيابها، ونقل المسيحيين إلى موقع يشبه موقع المسيحيين في العراق، أو »البدون« في دول الخليج، مواطنون بلا صوت أو وزن.