نسف الطائف:هل لإنهاء الفراغ الرئاسي أم لأخذ البلاد نحو مجهول قاتم؟!

النوع: 

ما قدمه وطرحه العماد ميشال عون من أراء وأفكار بخلفية اخراج البلاد من الفراغ الرئاسي على الطريقة العونية ليست سوى فقزا في المجهول، خصوصا أن ما طرح وقدم في هذا المجال، هو في حقيقة الأمر يشكل نسفا لاتفاق الطائف في ظل مرحلة خطيرة يمر بها لبنان والجوار المحيط وكل المنطقة، وهي مرحلة لا تحتمل ظروفها الصعبة والبالغة الدقة والحساسية كل هذه الرفاهية السياسية التي تستنبط كل هذه الأراء والأفكار الجهنمية تحت عنوان انجاز الاستحقاق الرئاسي، في حين أن المطلوب بكل بساطة من جميع الكتل السياسية الإلتزام بالدستور والقانون والتحلي بالمسؤولية الوطنية من خلال حزم أمرهم في النزول إلى مجلس النواب في أقرب جلسة لإنتخاب رئيس جديد توافقي للجمهورية قادر بقوته التوافقية على حماية لبنان واستقراره وسلمه الأهلي .

وتؤكد أوساط متابعة في هذا السياق، بأن الوضع الهش في لبنان لا يحتمل أي مغامرة أو مقامرة أو السير بعكس التيار الذي تبحر باتجاهه القوى الدولية والإقليمية المؤثرة والفاعلة في الساحة اللبنانية والتي لا تزال حريصة على أمن واستقرار لبنان ومنع انفجاره وانزلاقه نحو الفتنة والفوضى بكل فصولها التدميرية والدموية… فبإجماع الكثير من الخبراء والمراقبين للوضع اللبناني وتداخلاته وتعقيداته الداخلية والإقليمية والدولية ، فإن المظلة الدولية – الإقليمية الحامية للبنان لا تزال متمسكة باتفاق الطائف الذي لا بديل عنه في المدى المنظور كما أن هذه المظلة التي تدعو اللبنانيين إلى الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية قد حددت منذ وقت طويل المواصفات التوافقية لأي مرشح قادر على الوصول إلى قصر بعبدا إلا ان تعنت البعض ومجافاته لهذه الوقائع أدت إلى استمرار الفراغ الذي لا يمكن في أي شكل من الأشكال انهائه من خلال نسف اتفاق الطائف من أجل وضع دستور جديد في لبنان على قياس مرشح واحد لا برنامج رئاسي لديه سوى جملة واحد وهي ” أنا أو لا أحد في قصر بعبدا”.

وتتابع الأوساط عينها بأن من يطرح اسقاط الطائف خلف حجج انهاء الفراغ الرئاسي هو في حقيقة الأمر يأخذا البلاد برمتها نحور مجهول قاتم شديد الخطورة على لبنان الكيان والحرية والسيادة والإستقلال في ظل الأوضاع المتفجرة في كل المنطقة والتي تحمل في طياتها مخاض لولادة شرق أوسط جديد على أنقاض اتفاقية سايكس – بيكو.وبالتالي فأن التمسك بإتفاق الطائف كدستور ناظم للحياة السياسية والقانونية والدستورية يبقى حاجة ضرورية وملحة لتحصين الساحة اللبنانية وجعلها أكثر تماسكا وقوة في وجه كل مشاريع التقسيم والتفتيت الجارية في المنطقة التي تشهد استباحة عارمة للحدود والبلدان على نحو خطير لا يمكن للبنان أن يتحمل وزر تداعياته وعواقبه الكارثية.

إلى ذلك خلا المؤتمر الصحافي الذي عقده عون من أي موقف يقلب الطاولة او يهدد ركائز الحكومة ، بل بدا كلامه أشبه بجس للنبض وبتطيير رسائل في أكثر من اتجاه. وفي وقت، لم يفصح “الجنرال” عن أي خطوات عملية لترجمة اعتراضه على عدم اقرار الحكومة التعيينات الامنية، اكتفى بالسؤال “ما الداعي لوجود الحكومة إن تخلّفت عن واجبها الأمني الأول بتأمين الشرعية للقيادات الأمنية؟ غامزا من قناة “تيار المستقبل” بالقول “تهرّب الفريق الذي عقد معنا الاتفاق حول هذه التعيينات، بذريعة أعذارٍ تعيسة سرّبت إلى الإعلام، ومن هذه الأعذار “الخلاقة”، ان المرشح لقيادة الجيش عليه أن يدفع ثمناً بسبب القربى التي ليس لها أي علاقة بكفاءاته أو بإدائه المهني”، متحدثا عن “خطوات عدّة ستَتبع هذا الكلام، والامر مرتبط بمدى التجاوب أم عدمه من قِبَل المسؤولين”. اما على الصعيد الرئاسي، فاقترح عون حلولا لم تحمل جديدا كاعتماد الانتخابات الرئاسية مباشرة من الشعب، والقيام بإستفتاء شعبي ومن ينتخب الشعب ينتخبه المجلس النيابي، أو انتخاب المجلس النيابي قبل انتخاب رئيس الجمهورية.

وفي السياق، أشارت أوساط متابعة الى ان عون تجنّب نسف الحكومة نزولا عند رغبة حليفه “حزب الله” الذي لا يحبّذ خلق مشكلات في الداخل بينما هو منشغل في معارك أقليمية من جهة، كما ان خطوته تركت الباب مفتوحا أمام اعادة تحريك الاتصالات مع “المستقبل” في شأن التعيينات الامنية من جهة أخرى. ورأت الاوساط أن عون لم يصعّد رئاسيا وتفادى التطرق الى مسألة سماحة، حفاظا على قنوات التواصل المفتوحة اليوم بين الرابية ومعراب.

وتعليقا على مواقف العماد عون، قالت مصادر نيابية في “تيار المستقبلان ” عون يُمارس دائماً سياسة رفع السقف والهروب الى الامام، وهو يُدرك تماماً ان الحلّ بسيط بالنزول الى مجلس النواب لانتخاب رئيس جمهورية ومن ثم تأليف حكومة جديدة”. ولفتت الى تضارب صارخ في كلامه حين يقول ان هذا المجلس غير شرعي وممنوع ان ينتخب رئيساً للجمهورية وفي الوقت نفسه يعلن انه لا يُشارك في جلسة “تشريع الضرورة” الا اذا كان على جدول اعمالها قانون الانتخاب؟ واشارت الى ان “سقف تحرّك عون “الحرد” واعتكاف وزرائه لان الضغط الذي يُمارسه لن يوصل الى اي نتيجة، لان لا بديل عن هذه الحكومة في ظل غياب رئيس الجمهورية الذي لديه صلاحية قبول استقالة الحكومة وتكليف رئيس جديد”. واوضحت المصادر ان “لا مانع لدينا من طرح اسماء عدة لقيادة الجيش من ضمنها العميد شامل روكز ومن يختاره مجلس الوزراء نسير به، لكن الرئيس سلام يُفضّل الاتّفاق اولاً على اسم معيّن ومن ثم طرحه على المجلس تجنّباً لازمة سياسية اخرى وهذا ما يعمل عليه”، واعلنت ان “لا فيتو” من “المستقبل” على اي اسم يُطرح لقيادة الجيش او لرئاسة الجمهورية”.

وليس بعيدا، دعت مصادر مسيحية في قوى 14 اذار العماد عون الى الكف عن المغامرة بضرب اسس النظام في لبنان، تارة بالتهجم على الطائف واخرى بالدعوة الى انتخاب رئيس مباشرة من الشعب. وذكرت ان الطائف جاء نتاج ممارسة عون السلطة الموقتة في بعبدا بعدما تسلم زمامها من الرئيس امين الجميل عام 1988 والحروب التي شنها ،سائلة الى اين يريد ان يأخذ الدولة عموما والموارنة خصوصا هل الى افقادهم المزيد من صلاحياتهم كما حصل في الطائف، عبر مؤتمر تأسيسي جديد سيكرس حكما المثالثة ويقضي على المناصفة؟

بدوره،رأى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، أن أزمة الشغور في موقع رئاسة الجمهورية تبدو بلا مخرج في الوقت الراهن، وان مواقف القوى السياسية من هذا الموضوع توحي بأن “الأمور تسير نحو مزيد من العرقلة بدل الحلحلة المطلوبة”.، ووصف سلام في حديث له العجز عن انتخاب رئيس للجمهورية بأنه “وضع شاذ يسمح بظهور طروحات تشكل إضعافا لنظامنا ودستورنا”. ورفض الطروحات القائلة إن الأزمة الراهنة سببها قصور في اتفاق الطائف، معتبرا ان “الدستور ليس المسؤول عما نحن فيه بل القوى السياسية. إن القاء الموضوع على بنية النظام وتكوينه وعلى الدستور هو في رأيي هروب من المسؤولية”. وعما يمكن ان تساهم به القوى الاقليمية لايجاد مخرج لأزمة الشغور، قال سلام: “نحن نرحب بكل من بادر ويبادر لمساعدتنا في هذا الاستحقاق، لكن الأولوية تبقى لتوافق لبناني يغنينا عن كل ذلك”.وأشاد بالحوار القائم بين القوى السياسية، معتبرا انه “ساعد على ترطيب الأجواء وأرسى مناخا من الهدوء ومن تبريد للمواجهات السياسية في البلد”. لكنه رأى ان هذا الحوار “لم يصل إلى درجة ايجاد حلول جذرية للأزمة السياسية ومن أبرزها انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ونأمل ان يستمر لربما تطور إلى شيء منتج وليس فقط الى شيء استيعابي”.

الكاتب: 
هشام يحيي
التاريخ: 
الاثنين, مايو 18, 2015
ملخص: 
وتتابع الأوساط عينها بأن من يطرح اسقاط الطائف خلف حجج انهاء الفراغ الرئاسي هو في حقيقة الأمر يأخذا البلاد برمتها نحور مجهول قاتم شديد الخطورة على لبنان الكيان والحرية والسيادة والإستقلال في ظل الأوضاع المتفجرة في كل المنطقة والتي تحمل في طياتها مخاض لولاد