مؤتمر الطائف يفتح أبواب التفاهم على مرشح رئاسي
بقيت اصداء منتدى الطائف الذي انعقد في الاونيسكو، لمناسبة 33 عاما على توقيع اتفاقية الطائف في المملكة العربية السعودية، سواء بالمشاركة الوطنية، المتعددة، او المداخلات والكلمات التي عكست مدى الحاجة الملحة للتقيد بالدستور الذي انبثق عنه، «للحفاظ على صيغة العيش المشترك» لأن بلا التمسك بمضمون هذا الاتفاق سيكون البديل الاَّ مزيداً من الذهاب الى المجهول، على حد ما قال في كلمته سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد بخاري، الذي وجه الدعوات للمنتدى الذي تحول الى مؤتمر وطني، بحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وممثل عن الرئيس نبيه بري النائب كريم كبارة، والرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان، والنائب السابق وليد جنبلاط والنائب السابق سليمان فرنجية والمرشح الرئاسي النائب ميشال معوض، ووزير خارجية الجزائر السابق الاخضر الابراهيمي الذي لعب دوراً حاسماً في التوصل الى الاتفاق.
والابرز، ما كشفه السفير بخاري ان لا نية لفرنسا لدعوة القادة الى لقاء وحوار وطني، ولا نية فرنسية في طرح لدعوة او نقاش طائف او تعديل الدستور.
وحسب الاوساط السياسية المعنية ان المنتدى كان بمثابة خطوة لقطع الطريق على اية محاولة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا ينبثق ولاؤه او برنامجه من مندرجات الطائف على المستويات كافة.
وقال مصدر رفيع شارك في المنتدى لـ«اللواء» ان مؤتمر الاونيسكو فتح الباب على مصراعيه للتفاهم اللبناني- العربي- الدولي على مرشح رئاسي.
ذكرى الطائف
وكانت المملكة العربية السعودية قد احيت يوم السبت، المؤتمر الوطني في الذكرى الـ 33 لتوقيع اتفاق الطائف بدعوة من السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري في قصرالأونيسكو، بحضور حشد كبير من الشخصيات النيابية والوزراية والسياسية والقوى الحزبية من مختلف التيارات، تقدمهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وممثل للرئيس نبيه بري.
وشدّد السفير البخاري في كلمته على أن «مؤتمر اتفاق الطائف يعكس اهتمام السعودية وقيادتها بالحفاظ على أمن لبنان ووحدته واستقراره والميثاق الوطني».
وقال: نعوّل على حكمة القادة اللبنانيين وتطلعات الشعب الذي يسعى للعيش باستقرار. نحن بأمس الحاجة الى تجسيد صيغة العيش المشترك والحفاظ على هوية لبنان وعروبته. محذرا من ان «البديل عن «الطائف» لن يكون إلّا المزيد من الذهاب نحو المجهول».
واعلن السفير السعودي ان «فرنسا أكدت لنا أنه لن يكون هناك أي نية أو طرح لتغيير اتفاق الطائف»، مشيرا الى ان الاتفاق محط اجماع دولي ويؤكد نهائية الكيان اللبناني.
وقال وزير خارجية الجزائر الاسبق الأخضر الإبراهيمي الذي كان من رعاة وعرابي اتفاق الطائف: أن أول هدف لاتفاق الطائف كان إنهاء الحرب في لبنان. متوجها بالتحية «لكل من ساهم في إتمام هذا الاتفاق قبل 33 عاما.
وتحدث عن «أهمية اتفاق الطائف الذي يساهم في صون لبنان بعد الحرب التي عصفت به»، لافتا إلى أن «وثيقة الوفاق الوطني جاءت بمساع سعودية وعربية وبإجماع لبناني على إرساء السلم».
وقال: لقد أوقفت حرب الخليج عمل اللجنة الثلاثية، التي كانت تريد أن تستمر في مواكبة تنفيذ الطائف وهذا لم يحصل.
وتحدث الرئيس فؤاد السنيورة قائلاً: أن الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من التجربة، تفيد بأن لبنان يقوم على قوة التوازن المستدام، الذي يحقق الاستقرار.
واضاف: لا حل طائفيا أو فئويا، بل هناك حل واحد، فلبنان يقوم بالجميع أو لا يقوم، ويكون للجميع أو لا يكون.
وختم: حسن النوايا هو المبدأ الذي يجب ان تبدأ به أي مبادرة أو حل، والأهم اليوم الوصول الى رئيس للجمهورية يؤمن باتفاق الطائف ويرعى العودة إليه ويسعى الى تثبيته والالتفات إلى الممارسة الصحيحة لتطبيقه.
من جانبه، شدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط «على أن الأهم اليوم انتخاب رئيس للجمهورية».
وقال: المعركة الكبرى الآن ليست في صلاحيات الرئاسية الواضحة دستوريا وسياسيا، بل المشكلة في انتخاب الرئيس ولاحقا تشكيل حكومة ذات مصداقية، تطلق الإصلاحات المطلوبة للبدء بالإنقاذ الاقتصادي والمالي.
أضاف: الطائف أساسي جدا لأنه كرس إنهاء الحرب التي شهدها لبنان على مدى 15 عاما. وقبل البحث في تعديل الطائف، علينا تطبيقه أولا للوصول الى إلغاء الطائفية السياسية. ومن قال انني كوريث لكمال جنبلاط أعارض إلغاء الطائفية السياسية.
وختم: «في بنود الطائف المتعددة، هناك بند ينص على إنشاء مجلس الشيوخ الذي لم يطبق حتى الآن. هذا المطلب ورد في مذكرة الهيئة العليا للطائفة الدزرية إلى الرئيس السابق أمين الجميل، لكننا اصطدمنا مع النظام السوري برفض قاطع، لأن النظام لا يريد إعطاء الدروز في لبنان امتيازاً إضافياً قد ينعكس على دروز سوريا.
اضاف: تفضلوا شكلوا هذه اللجنة، وصولا إلى أن نحدث التغيير النوعي والكمي على الطائف في لبنان. مؤكدا «ضرورة السير بـالاصلاحات الأخرى التي وردت في الطائف ولم تطبق كاللامركزية الإدارية وغيرها، ولا مانع من أن تناقش بهدوء بعيدا عن التوترات الطائفية الآنية والتي تهدف لحرف المسار عن إنتخاب الرئيس».
واعتبر المطران بولس مطر في كلمته أن «المسيحيين والمسلمين أمة واحدة في اتفاق الطائف، ونحن في لبنان أخوة بالوطنية والعروبة والإنسانية، فنرجو من اللبنانيين وضع خلافاتهم تحت سقف الأخوة وليس فوقها» .
ورأى أن «عودتنا إلى الطائف فرصة للبنان، فالنظام السياسي خاضع للتبديل ضمن حوار يجب ألا يتوقف»، مشددا على أن «الحوار واجب علينا بمحبة وأخوة» .
اما المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا فدعت إلى «شحذ الهمم لتطبيق اتفاق الطائف التاريخي بما يضمن استقرار لبنان».
وأشارت إلى أن «الاتفاق وضع نظاما سياسيا جديدا يلبي طموحات اللبنانيين، من خلال تبني الإصلاحات وتنفيذها وتأسيس الانتماء الوطني».
ورأى نائب رئيس مجلس الوزراء السابق عضو تكتل الجمهورية القوية النائب (القوات اللبنانية) غسان حاصباني أن «دستورنا صالح والخلل في تطبيقه بدأ من النوايا، ومن المهم البقاء في جو الوفاق» .
وقال: أن لبنان أمام فرصة مفصلية لتثبيت تطبيق الطائف، وعلى البرلمان اتخاذ الخطوات المطلوبة لتطبيقه.
رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي قال في تصريح له على هامش الاحتفال في تصريح تلفزيوني: بأن الطائف لا يزال الإتفاق الأصلح لتطبيقه.
وأضاف :هذا اليوم رمزيته مهمة جداً، والمؤتمر ينفي ان السعودية تركت لبنان، والحضور الكبير يشير الى تثبيت مضامين الطائف.
وتابع: الدستور والقوانين ينصون على القيام بتصريف الأعمال، وسنقوم بها لأننا سنُحاكم إن لم نفعل ونحن حريصون على القيام بواجباتنا، ولا اعتقد أن أي وزير سيتقاعس عن هذا الدور الوطنيّ.
اما سليمان فرنجية الذي حضر الاحتفال فقال: كل عمرنا بهمنا الطائف، ونحن جزء منه، ولم نأتِ الى الاحتفال من أجل الرئاسة بل دُعينا ولبينا الدعوة.
اضاف ردًّا على سؤال حول تأثير حضوره المؤتمرعلى علاقته مع حلفائه : حلفائي ليسوا ضد الطائف، لذا حضوري لن يؤثر على علاقتي معهم.
وتحدث على هامش المؤتمر ثلاثة من النواب الذين شاركوا في اتفاق الطائف، فقال النائب السابق بطرس حرب في مداخلة له: إنه من السهل اليوم انتقاد الطائف، ففي حقبة الحرب، ما عاشه لبنان لم يكن سهلاً أبداً، ولهذا جاء الطائف لإنهاء الاقتتال والالتزام به ضروري ويجب تطبيق بنوده بشكل أساسي .
ووجّه النائب السابق طلال المرعبي «الشكر للسعودية التي ترعى اتفاق الطائف وترعى لبنان ومن دون مقابل»، مشيراً إلى أن «المملكة تسعى إلى فرض الاستقرار والحفاظ على السلم الأهلي».
وقال: ندعو لإنشاء مجلس الشيوخ وإلغاء الطائفية السياسية، لا العمل «بالترويكا» في الحكم.
إلى ذلك، قال النائب والوزير السابق إدمون رزق في مداخلة له: نشهد ان جوهر اتفاق الطائف هو شراكة حضارية في نظام حر".