"آليّة العمل"... تُعطّل مجلس الوزراء

النوع: 

على الرغم من المواقف الداعية إلى حماية التضامن الحكومي في ظلّ الشغور الرئاسي، خيّم الغموض على مصير الحكومة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية وانتقال صلاحياته بالوكالة إلى مجلس الوزراء. فحتّى الأجواء الإيجابية التي حاول بعض الوزراء إشاعتها لدى مغادرتهم جلسة مجلس الوزراء التي خُصّصت للبحث في الآليّة ووسيلة التعاطي مع صلاحيات رئيس الجمهورية، لم تُبدِّد القلق الدفين من هشاشة الاستقرار.في الجلسة الثانية التي عقدها لمناقشة آليّة عمل الحكومة في ظلّ الشغور الرئاسي، والتي استغرقت ثلاث ساعات، فشلَ مجلس الوزراء برئاسة الرئيس تمّام سلام، وحضور غالبيّة الوزراء، في بَتّ آليّة العمل لجهة توقيع المراسيم والقرارات، على أن يُستكمل البحث الأسبوع المقبل في جلسة لم يُحدّد موعدها.

قرابة السابعة مساءً، بدأ الوزراء يخرجون واحداً تلو الآخر، وفي حين حاول عدد منهم إشاعة «أجواء إيجابية»، مؤكّدين «عدم الاختلاف على النقاط الأساسية»، بدا البعض الآخر غيرَ راضٍ عمّا آلت إليه الأمور وفضّلوا التزام الصمت. وقد غادر وزير الخارجية جبران باسيل الجلسة قبيل انتهائها بداعي السفر إلى الصين.

وقبيلَ انتهاء الجلسة، غادر وزير السياحة ميشال فرعون القاعة، وأوضح لـ»الجمهورية»، أنّ «الخلاف يدور بين اعتماد الأكثرية العادية، سواءٌ في التصويت أو التوقيع وفق البنود، وبين من يطالب بأكثرية الثلثين وآخرين يتشبّثون باعتماد الإجماع»، مؤكّداً «أنّنا لن نقبل بأقلّ من أكثرية الثلثين».

وفي وقت أكّد وزير الصناعة حسين الحاج حسن «أنّنا مع الإجماع في توقيع القرارات والمراسيم»، أوضحَت مصادر وزارية لـ»الجمهورية» أنّ «الخلاف على الآليّة ما زال عالقاً عند تمسّك وزراء «التيار الوطني الحر» و»حزب الله»، بمطلب توقيع الـ 24 وزيراً القرارات الصادرة عن المجلس»، الأمر الذي يرفضه وزراء «14 آذار»، باعتبار أنّ هذه الآليّة ستعطّل عمل الحكومة، خصوصاً بالنسبة إلى القرارات التي تحتاج إلى النصف زائداً واحداً أو حتى أكثرية الثلثين».

وأوضحت المصادر أنّ «السير بهذه الآلية يعني أنّ وزيراً واحداً يستطيع تعطيل الحكومة وعملها»، مشيرةً إلى «أنّ الأمور تحتاج إلى قرار سياسيّ، فما يحصل خارج المجلس لا يقود حتى اللحظة إلى تسوية سياسية، ولكنّه لم يبلغ حدّ تفجير الحكومة».

وفي حين اكتفى وزير الصحّة وائل أبو فاعور بالقول للصحافيّين: «في فمي ماء»، لم ينفِ وزير الاتصالات بطرس حرب لـ»الجمهورية»، الاختلاف في وجهات النظر حيال «التصويت على المراسيم والقرارات»، كاشفاً «أنّ المشكلة الأساسية تكمن في محاولة الفريق الآخر الهروبَ من انتخاب رئيس جديد للجمهورية».

مجدّداً دعوته إلى «النزول إلى المجلس لانتخاب رئيس عوَض البحث في سُبل العيش في ضوء الأزمة القائمة».

بدوره، قال وزير العدل أشرف ريفي لـ»الجمهورية»، إنّ «بعض الأطراف يحتاج للوقت لتنضجَ تفاصيل الصيغة لديه».

وإذ أكّد «أنّنا مع مرحلة التفاهم، ولكنّ هذا لا يلغي واجباتنا تجاه الوطن واللبنانيين والتي لا يجب التخلّي عنها»، لفتَ إلى أنّ «النقاش يتمحور حول سُبل إصدار المراسيم والتواقيع، بعدما اتّفقنا على جدول الأعمال والدعوة إلى الجلسة والتصويت، إذ حُسِمت الدعوة الى الجلسة برئيس الحكومة، على أن يعرض جدول الأعمال على الوزراء قبل 72 ساعة».

أمّا بالنسبة إلى التصويت، فأكّد ريفي أنّ «أحداً لا يستطيع تعديل الدستور الذي ينصّ على آليتين للتصويت بحسب البند المطروح، فإمّا التصويت بالنصف زائداً واحداً، أو بأكثرية الثلثين». ورأى ريفي أنّ «الخلاف في الظاهر هو اجتهاد دستوريّ، ولكنّه في الباطن سياسي»، مُعرباً عن خشيته من «دلع فريق سياسي «زيادة عن اللزوم» في حين تتطلّب المرحلة مسؤولية وطنية وترفّعاً عن الشخصانية والدَلع».

 

 

سلام

وكان سلام استهلَّ الجلسة بالقول «إنّ جدول الأعمال هو إستكمال لما تمَّ تداوله خلال الجلسة السابقة»، لافتاً إلى أنّ الخليّة التي شكلها مجلس الوزراء لمعالجة موضوع النازحين قد باشرت عملها بجدية تامة واتخذت الإجراءات اللازمة التي ستظهر نتائجها قريباً».

وأطلع سلام مجلس الوزراء على الاجتماع الذي عقده مع رئيس البنك الدولي، فأكد أنه كان ناجحاً بإعتبار أن رئيس البنك الدولي أبدى رغبته في دعم لبنان واستعداده لتقديم كل مساعدة في شتى المجالات وخصوصاً في مجال تأهيل البنية التحتية.

وأشار سلام إلى أنّ المناقشة التي شهدتها الجلسة السابقة قد تركت أثراً إيجابياً، بإعتبار أنّ الجو الذي ساد كان جدياً وتوافقياً وبالتالي يقتضي التوصل إلى حلول للمواضيع المطروحة.

ثم تطرق سلام إلى المسائل التي تطرحها إناطة صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء في حال شغور سدة الرئاسة، فتناقش المجلس فيها.

وأعلن وزير الإعلام رمزي جريج إثر انتهاء جلسة مجلس الوزراء، أنّ «المجلس سيعالج بالإجماع القضايا بروح المسؤولية الجماعية التي تكرّست في مداخلات الوزراء، وبالتركيز على كلّ ما فيه المصلحة الوطنية ومواكبة المستجدّات والاستحقاقات والقضايا المُلحّة».

وشدّد على أنّ «مجلس الوزراء سيمارس أعماله وفق النصوص الدستورية وفي إطار توافقي، تحسُّساً للظروف السياسية القائمة، وللإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، مشيراً إلى أنّه «ناقشَ آليّة تطبيقِه للمواد التي تُحدّد الصلاحيات التي أعطاه إيّاها الدستور في المادة 62 وكالةً عن رئيس الجمهورية».

وردا على أسئلة الصحافيين، أعلن جريج أنّ «الجو كان إيجابياً وكل وزير أدلى برأيه وفي الختام ركز الرئيس سلام على أهمية عمل الحكومة، لأنّه اذا كان الدستور قد نصَّ على إناطة صلاحيات رئيس الجمهورية بمجلس الوزراء فذلك منعاً للفراغ ومن أجل تسيير شؤون الناس والمؤسسات.

وانطلاقاً من هذا المفهوم، وضع الرئيس سلام جميع الوزراء أمام مسؤولياتهم بحيث لا يجب أن تنعكس الخلافات السياسية على عمل مجلس الوزراء وتؤدي الى شلل وتعطيل كل المؤسسات الدستورية».

ولفت جريج إلى «أننا ناقشنا الآلية وهناك تفاصيل عدة قانونية وعملية تمت مناقشتها بالتفصيل»، موضحاً أنّ «ما أعلناه هو نواة لتفاصيل الآلية اللاحقة، واتفقنا على أنّ القرارات تُتَّخذ بالتوافق أو بالتصويت تطبيقاً للدستور مع الأخذ في الاعتبار الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد والشغور في مركز رئاسة الجمهورية وما يترك من أثر على التوازنات السياسية في البلد».

التاريخ: 
الأربعاء, مايو 29, 2019
ملخص: 
مجلس الوزراء سيمارس أعماله وفق النصوص الدستورية وفي إطار توافقي، تحسُّساً للظروف السياسية القائمة، وللإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، مشيراً إلى أنّه «ناقشَ آليّة تطبيقِه للمواد التي تُحدّد الصلاحيات التي أعطاه إيّاها الدستور في المادة 62 وكالةً عن