العريضة النيابية وأثرها القانوني

النوع: 

 

نصّت المادة/45/ وما يليها من النظام الداخلي لمجلس النواب، معطوفة على المادة/8/ منه، على قانونية توجيه عرائض خطيّة موقّعة من النواب إلى رئيس المجلس.

كذلك نصّت المادة/46/ من النظام، معطوفة بدورها على المادة/8/ منه، أنّ على هيئة مكتب المجلس ومن ضمن صلاحياتها طرح هذه العريضة على الهيئة العامة.

بالتالي، لا نِقاش حول أحقّية وقانونية توجيه السادة النواب عريضة خطيّة إلى رئيس المجلس، بِغَرَض حثّه على طرح اقتراح القانون المُعجّل المُكرّر المتعلّق بالمُغتربين على الهيئة العامة، وفقاً لِنّص المادة/109/ من النظام.

لكّن السؤال يبقى، ما الأثر القانوني لهذه العريضة، وهل هي مُلزمة لرئيس المجلس ومُقيّدة له؟

بالعودة إلى النظام الداخلي لمجلس النواب تاريخ 18/10/1994 لا نلحظ أي مادة قانونية تُلزم رئيس المجلس بالتقيُّد بالعريضة. من هُنا بات لا بُدّ من سبر أغوار هذا الأثر وإلزاميّته.

وبالاطّلاع على المادة/27/ من الدستور، يتبيّن جليّاً أنّ المشترع الدستوري اعتبر أنّ عضو مجلس النواب يُمثّل الأُمّة جمعاء. والعريضة الموقّعة من أكثر من نصف عدد أعضاء المجلس النيابي، بمثابة مُطالبة من أكثر من نصف عدد اللبنانيين لرئيس المجلس لطرح هذا الاقتراح والمومأ إليه أعلاه على الهيئة العامة.

وبالتالي، هل باستطاعة رئيس المجلس النيابي تخطّي إرادة أكثر من نصف عدد اللبنانيين؟؟؟

مما يُفيد، أنّ أثر هذه العريضة هو معنوي ومُلزم. بِغضّ النظر ما إذا كان النّص قد تطرّق إلى أثرها أم لا. وذلك لاعتقاد المشترع الدستوري، أنّه لن يحصل أن يتخطّى أي رئيس مجلس نيابي إرادة أكثر من نصف عدد النواب، أي نصف عدد اللبنانيين على أقلّ تقدير.

وبحال الذّهاب أبعد من ذلك. وبالعودة إلى أحكام الدستور، وتحديدًا المادة/33/ منه، حيث نقرأ وفي الفقرة الأخيرة ما حرفيّته:

"..... وعلى رئيس الجمهورية، دعوة المجلس إلى عقود استثنائية إذا طلبت ذلك الأكثرية المُطلقة من مجموع أعضائه".

بمعنى آخر، إنّ رئيس الجمهورية والذي هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن (المادة/49/ من الدستور) مُلزَم وبحال طلبت الأكثرية النيابية منه ذلك، دعوة المجلس النيابي إلى عقود استثنائية. فكيف بالأحرى برئيس مجلس النواب؟؟؟

مع التأكيد، أنّه وبحال وجّهت الأكثرية النيابية إلى رئيس الجمهورية عريضة نيابية موقّعة من أكثرية مجلس النواب لِفتح دورة استثنائية للمجلس. يُصبح رئيس الجمهورية مُلزَماً بإصدار مرسوم الدعوة بالاتّفاق مع رئيس الحكومة. وليس له من هذه الناحية أي سُلطة استنسابية، أي سلطة تقدير. لأنّ صلاحيته في هذا المكان صلاحية مُقيّدة (une compétence liée). حيث بالإمكان مُساءلته بحال التمنُّع أمام المجلس الأعلى لمُحاكمة الرؤساء والوزراء بِجُرم خرق الدستور، سندًا للمادة/60/ معطوفة على المادة/80/ من الدستور، وأحكام القانون رقم 13/1990 تاريخ 18/8/1990.

كذلك، رئيس الحكومة إذا تمنّع عن توقيع مرسوم الدعوة المذكور، يُلاحق ويُحاسب بِجُرم الإخلال بالواجبات المُترتّبة عليه، سندًا للمادة/70/ معطوفة على المادة/80/ من الدستور، وأحكام القانون رقم 13/1990 تاريخ 18/8/1990.

- دراسات في القانون الدستوري اللبناني- للدكتور وليد عبلا- ص/398/ و/399/.

علماً، أنّ تمنُّع رئيس الجمهورية عن فتح دورة استثنائية رغم العريضة النيابية التي وُجّهت إليه. حصلت مرّة واحدة مع الرئيس "إميل لحوّد" حيث تمنّع عن فتح دورة رغم العريضة وذلك بتاريخ 27/12/2006.

وكان يومها مُعرّضاً للمُساءلة لمخالفة نصّ المادة/33/ من الدستور.

مما يُفيد، أنه ما دامت العريضة النيابية الموقّعة من الأكثرية النيابية تُلزِم رئيس الجمهورية، كذلك رئيس الحكومة، ألا يجب أن تُلزِم بدورها رئيس المجلس النيابي، ولو معنوياً وعلى سبيل القياس؟؟؟

الكاتب: 
سعيد مالك
التاريخ: 
الأربعاء, يوليو 9, 2025
ملخص: 
مما يُفيد، أنه ما دامت العريضة النيابية الموقّعة من الأكثرية النيابية تُلزِم رئيس الجمهورية، كذلك رئيس الحكومة، ألا يجب أن تُلزِم بدورها رئيس المجلس النيابي، ولو معنوياً وعلى سبيل القياس؟؟؟