التمديد للمجلس النيابي مخالف للدستور

النوع: 

 

بتاريخ الحادي عشر من شهر تشرين الثاني من عام 2014 صدر القانون رقم 16 والقاضي بتمديد ولاية مجلس النواب، ونُشر في الجريدة الرسمية العدد 48/ تاريخ 11/11/2014.

انبرى عدد من النواب إلى الطعن بالقانون المذكور أمام المجلس الدستوري لعلّة مخالفته الدستور. وخلصوا إلى المُطالبة بإبطاله.

وبتاريخ 28/11/2014 صدر القرار رقم 7/2014 عن المجلس الدستوري. وخلُص إلى التأكيد أنّ دوريّة الانتخابات هي مبدأ دستوري لا يجوز المَسّ به مُطلقاً. وأنّ ربط الانتخابات النيابية بالاتّفاق على قانون انتخاب جديد، أو بأي اعتبار آخر، عملٌ مُخالفٌ للدستور. لكنّه انتهى إلى ردّ المُراجعة أساسًا، للحيلولة دون التمادي في حدوث الفراغ في المؤسسات الدستورية.

وبالتالي، أكّد القرار المذكور، أنّ مُقدّمة الدستور تُعتبر جزءًا لا يتجزّأ من الدستور. والفقرة (ب) من مقدّمة الدستور نصّت على التزام لبنان بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبمواثيق الأمم المُتّحدة. علماً، أنّ المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نصّت على أنّ إرادة الشعب هي مصدر السلطات، يُعبّر عنها بانتخاباتٍ نزيهة دورية تجري قانونًا.

مما يُفيد، أنّ مبدأ دورية الانتخاب هو مبدأ دستوري لارتباطه بمبدأ انبثاق السلطة من الشعب، وحضوعها للمحاسبة في الانتخابات.

مع الإشارة، إلى أنّ المحاسبة في الانتخابات عنصرٌ أساسي في الأنظمة الديمقراطية، علمًا أنّ لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية. والانتخابات النيابية هي الوسيلة الأساسية لتحقيق الديمقراطية البرلمانية.

وبالتالي، أكّد المجلس الدستوري أنّ أي تمديد للمجلس النيابي يُعتبر مُخالفًا للدستور ويقتضي إبطاله. لكّنه لم يذهب إلى هذه النتيجة يومها، لعلّة شغور سُدّة الرئاسة حينها، والخوف من الفراغ في السلطة التشريعية في حال أُبطل قانون التمديد، كلّ ذلك خشيةً من الفراغ في المؤسسات الدستورية.

ومن المُفيد ذكره في هذا السياق، التبرير الذي استند إليه المشترع يومها، بأنّه ليس هناك اتّفاق على قانون انتخابات جديد...كذا... فَحَسْم المجلس قراره بأن ربط الانتخابات النيابية بالاتّفاق على قانون انتخاب جديد، لا يستقيم ولا يُبرّر التمديد على الإطلاق.

أمّا اليوم،

فمجموعة من النوّاب والكتل بالعَلَن أم بالخَفاء، يعملون من أجل التمديد للمجلس النيابي الحالي، خوفًا من خسارة مقاعدهم...كذا... .

فلهؤلاء نقول، إنّ الأكثرية النيابية (إن صَدقَت) فهي ضدّ التمديد. كذلك فخامة رئيس الدولة، كَون المَساس في مواعيد الاستحقاقات، سيضرب العهد. وأيضاً الحكومة، كَون التمديد سيُفقدها المصداقية تجاه المجتمع الغربي والعربي.

أمّا وبحال سقط القناع، وذهب الكافة إلى قانون تمديد للمجلس النيابي الحالي، فإنّ هذا القانون سيكون عُرضةً للطعن أمام المجلس الدستوري، لعلّة مخالفته الدستور والمبادئ الدستورية التي لا يجوز المَسّ بها إطلاقًا.

والسؤال الذي يُطرح، ما المُبرّر والذي سيبتدعه المشرّع لتبرير هذا التمديد؟

فالتذرُّع باحتلال العدو لبعض من الجنوب لا يستقيم، كذلك الاعتداءات العسكرية المستمرة والتحجُّج بوجود السلاح. فالبارحة أُجريت الانتخابات البلدية وتكلّلت بالنّجاح، وكانت الأوضاع نفسها والظروف ذاتها.

أمّا التحجُّج بأنّ هناك خلافاً على قانون الانتخابات وعلى مسألة انتخاب المغتربين فأيضاً لا يستقيم. لأنّ المجلس الدستوري فصل بأنْ رَبَطَ الانتخابات النيابية بالاتّفاق على قانون انتخاب جديد، أو أي اعتبارٍ آخر، غير دستوري على الإطلاق.

بالخُلاصة، الانتخابات النيابية يجب أن تجرى في الربيع المُقبل ومن دون أي تأخير أم تسويف. فسيّد العهد حريصٌ على عدم نَسفِ عهده، كذلك الحكومة على مصداقيّتها الدولية والمحلّية.

وبكلّ الأحوال، فإنّ أي محاولة للتمديد للمجلس النيابي الحالي وإرجاء الانتخابات النيابية، ستفشل وسيواجهها المجلس الدستوري بقرارٍ صارم. فالتعويل على المجلس الدستوري في محلّه، إن كان في هيئته الحاليّة أم المستقبليّة. فالديمقراطية تفرض تداول السلطة، والشعب هو مصدر السلطات.

الكاتب: 
سعيد مالك
المصدر: 
التاريخ: 
الأربعاء, سبتمبر 24, 2025
ملخص: 
وبكلّ الأحوال، فإنّ أي محاولة للتمديد للمجلس النيابي الحالي وإرجاء الانتخابات النيابية، ستفشل وسيواجهها المجلس الدستوري بقرارٍ صارم. فالتعويل على المجلس الدستوري في محلّه، إن كان في هيئته الحاليّة أم المستقبليّة.