لجنة بكركي تقترح تعديل المادة 95 من الدستور "منعاً للتحايل والاستغلال في التعيينات"
لأن ما يجري في الادارات العامة من توظيف وخلل في مبدأ المناصفة فاق كل المعايير المقبولة، ولأن ما تشهده وزارات الاشغال العامة، والمال، والصحة، والزراعة وكهرباء الجنوب وغيرها وصولاً الى رئاسة مجلس الوزراء من تعاقد لا ينسجم مع مبدأ المناصفة ولا احترام الميثاقية التي قام عليها لبنان، بادرت لجنة المتابعة النيابية المنبثقة من اللقاء الماروني الموسّع في بكركي والتي تضم النائب البطريركي الماروني العام المطران بولس صياح رئيساً والأباتي انطوان خليفة ورئيس مؤسسة "لابورا" الاب طوني خضرا، الى اعداد دراسة قانونية مفصلة عن تهميش المسيحيين في مؤسسات الدولة، عرضت تفصيلاً للمادة 95 من الدستور، "منعاً لاستغلال المرونة التي تتسم بها هذه الفقرة"، وبهدف وضع حد "للتحايل على بعض النصوص القانونية المتعلّقة بالتعيينات بغرض توسيع الاختلال في التوازن الوظيفي على حساب المسيحيين". واقترحت اللجنة في دراستها تعديل هذه المادة والعودة الى العمل بقاعدة 6 و6 مكرر في ما خص جميع وظائف الدولة بسائر فئاتها، علماً أن النتائج الكارثية المترتبة على المسيحيين وضرب المناصفة نتيجة تعديل المادة 95 بعد البدء بتطبيق اتفاق الطائف، فاقت كل التوقعات والمعايير نتيجة عدم احترام الصيغة اللبنانية.
وأشارت الدراسة التي قدمت اللجنة نسخة منها الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان خلال لقائها معه، الى أن "وضع المسيحيين في الادارة اللبنانية يعاني تراجعاً متصاعداً وممنهجاً منذ مطلع التسعينات، ويعتمد المتواطئون ضد الوجود المسيحي في الادارة وسائل وذرائع شتى الى تهميش المسيحيين فيها"، وأبرزها: "أن الفقرة ب من المادة 95 من الدستور بعد التعديلات الدستورية التي انبثقت من وثيقة الوفاق الوطني في الطائف وأقرّت بموجب القانون الدستوري رقم 18 تاريخ 1990/9/21 لم تعد توجب صراحة حفظ كوتا لأي طائفة في توظيفات القطاع العام، ما عدا مراعاة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في وظائف الفئة الأولى". وشرحت أن المعنيين "يعمدون الى تغطية أهدافهم بالتحايل على القانون في عمليات إبعاد المسيحيين عن الإدارة، فيطلبون توظيف العشرات أو مئات الموظفين ويختارون في الوظائف المطلوبة مهمات أو مناطق لا تهمّ المسيحيين عادة".
كذلك اعتبرت الدراسة المفصّلة والتي استعين لاعدادها بعدد من القانونيين، أن "الالتفاف على مجلس الخدمة المدنية في التوظيفات وإهمال نتائج المباريات كل مرة يفرزان اعداداً من المسيحيين اكبر مما يرتضونه، ويعمدون الى تجاوز الأصول القانونية في التعيين".
وسجّل واضعو الدراسة الملاحظات الآتية: "ان المادة 96 من نظام الموظفين الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 112 في تاريخ 12/ 6/ 1959 تنص على أن "تراعى في تعيين الموظفين احكام المادة 95 من الدستور، وبما أن المادة 95 من الدستور في نصها القديم كانت تقضي بوجوب مراعاة التمثيل الطائفي في تعيين الموظفين الى اي سلك او فئة انتموا، فلم يكن من خلاف على وجوب تقيد السلطة الادارية بهذا الالزام، وكان اجتهاد مجلس شورى الدولة مستقراً على القول انه يتعين على السلطة الادارية المختصة ان تعين في المراكز التي اجرت من أجلها المباراة، من ينجح من المرشحين بحسب ترتيب نجاحهم، ولكن ضمن الطائفة التي ينتمون اليها، لا بحسب ترتيب نجاحهم الاساسي المطلق (...)".
وتعرض الدراسة للتعديل الذي طال الفقرة ب من المادة 95 من الدستور 21/ 9/ 1990 "والتي ألغت قاعدة التمثيل الطائفي واعتمدت الاختصاص والكفاية في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والامنية والمؤسسات العامة والمختلطة، وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني، باستثناء وظائف الفئة الأولى فيها، وما يعادلها، وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، دون تخصيص اي وظيفة لأي طائفة، مع التقيد بمبدئي الاختصاص والكفاية". وشددت على اهمية اعتماد الاختصاص والكفاية ومراعاة مقتضيات الوفاق الوطني و"عدم توسّل الغاء القيد الطائفي لضرب التوازن ولاحداث خلل جوهري بين المسيحيين والمسلمين في الادارة". واشارت الى ان عبارة مراعاة مقتضيات الوفاق تهدف الى "مراعاة التوازنات الطائفية وليس الى التفلت منها او ضربها". وهذه العبارة لم ترد في نص الفقرة ب من المادة 95 من الدستور بعد عبارة "تلغى قاعدة التمثيل الطائفي" (التي استهلت بها الفقرة) مباشرة، بل جاءت بعد عبارة "ويعتمد الاختصاص والكفاية في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والامنية والمؤسسات العامة والمختلطة"، مما يعني انها تابعة ومعطوفة على الاخيرة وتشكل احد شروط تولية الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات المذكورة الى جانب شرطي الاختصاص والكفاية. وخلصت الدراسة الى ان "المعنيين انتهكوا بصورة صارخة شرط الاختصاص والكفاية في التعيينات، والشرط الآخر المتعلق بمقتضيات الوفاق الوطني لابعاد المسيحيين رويداً رويداً وبشكل تصاعدي عن الادارة العامة".
وتشير الدراسة الى عملية "التصفية" التي يتم اعتمادها لابعاد المسيحيين عن مؤسسات الدولة. أما الموظفون الموقتون والمتعاقدون، فتشدد الدراسة على اهمال الشروط الموضوعة لتعيينهم وفقاً للأصول، وكذلك الأجراء.