الفيدرالية: رياشي والحلبي وبهاء ... وتركيا وقطر... أبو حبيب: عنوان الفوضى الهدّامة
لبنان الفيدرالي كما يطرحه ألفرد رياشي ومن وراءه، هو خارطة مكوّنة من 6 كانتونات بأربعة ألوان مقيتة، تفوح منها رائحة الحرب الأهلية. وهو "حلّ" بطعم الانحلال، وانحلال كلّ جامع قام عليه لبنان، تمهيداً لدفن الوطن ومن عليه.
الدكتور ألفرد رياشي هو رئيس "المؤتمر الدائم للفيدرالية"، الذي تأسّس في 30 أيلول 2014، في الذكرى الـ 25 لاتفاق الطائف، ولا يضمّ شخصيات ذات وزن على المستوى السياسي أو من العاملين في الشأن العام.
تقدم خارطة رياشي الفدرالية مقترحاً تطبيقياً لإنشاء دولة فيدرالية في لبنان، على قواعد جغرافية طوائفية. 6 كانتونات، هي مناطق حكم محلي ذات خصوصية طائفية.
الكانتونات المسلمة ثلاثة:
- كانتون الضاحية والجنوب والبقاع الشمالي: ذو خصوصية شيعية، باللون الأصفر على الخريطة.
- كانتون بيروت وإقليم الخروب وصيدا والشمال والبقاع الغربي: ذو خصوصية سنّية، باللون الأزرق.
- كانتون الشوف وراشيا وحاصبيا: ذو خصوصية درزية، باللون البنفسجي.
الكانتونات المسيحية ثلاثة أيضاً:
- كانتون الشمال.
- كانتون جبيل وكسروان.
- كانتون المتن وبيروت الشرقية والشوف.
ذهب البعض إلى أنّ رياشي يقوم بمحاولات "فاشلة" لتعويم نفسه على سطح النقاش. لكنّ تنوّع الردود زاد من جديّة الطرح. فالأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ثم أربع رؤساء حكومات سابقين، ومعهم الوزير السابق وليد جنبلاط، كلّهم هاجموا المشروع وحذّروا منه.
يؤكد مرجع مستقبلي شمالي لـ"أساس" أنّ مجالس خاصة شمالية تطرقت لهذا الطرح، وأعضاء "كتلة المستقبل" في آخر اجتماعاتهم وكان إلكترونياً في الأول من أيار، وضعوه على طاولة البحث والنقاش، باعتباره جدّياً، ويجب التصدّي له.
ويضيف المرجع أن "المشروع تقف وراءه دول غربية، إلى جانب تركيا وقطر، وهما اللاعبان الأساسيان لتعويم المشروع في 3 شمالات سُنية في المنطقة: شمال لبنان، شمال العراق، وشمال سوريا، في محاولاتٍ لتثبيت مناطق حكم ذاتي لهذه الدول في المنطقة عبر الفيدرالية، وليكون شمال لبنان، خاصرة لبنان الرخوة، مبرّراً لمطالبة المسيحيين بالفيدرالية عقب افتعال حدثٍ أمني كبير".
رياشي في حديثٍ لـ"أساس" كشف أنّ الخريطة التي نشرها هي نتاج عمل "فريق من الاختصاصيين"، موضحاً أنّ الفريق "استعان بخرائط الجيش اللبناني لإنجازها، وهي كانت جاهزة من فترة وتم تظهيرها على الإعلام عقب تصريح المفتي الجعفري أحمد قبلان". ويؤكّد رياشي أنّ الطرح ليس جديداً، ويتحدث عن وجود "تواصل مع جميع الفرقاء اللبنانيين حوله، إما عبر وسطاء أو بشكلٍ مباشر". لكنّه يرفض تسمية هؤلاء ويكتفي بالقول "المجالس بالأمانات".
ويرفض رياشي الحديث عن أيّ دعمٍ خارجي للمشروع "فالتمويل ذاتي ويعتمد على أعضاء المؤتمر أنفسهم" الذين يرفض أيضاً التصريح عن عددهم. ويؤكد أنّ شيطنة الطرح ليست في مكانها: "فنحن لا ننادي بتقسيم طائفي. نحن نتحدّث عن كانتونات تأخذ الخصوصية الطوائفية وليست الطائفية، تهدف إلى إلغاء النزاع الطائفي بين الطوائف وحصره بداخلها، وتحويله إلى نزاعِ إيجابي تنموي اقتصادي". ويقول إنّ الدول التي تبنّت الفيدرالية كحلّ لمشاكلها كان وضعها أسوأ بكثير من لبنان. ويختم: "لا يمكنهم شيطنة المشروع لمجرّد أنني أحمل الجنسية الأميركية، وعشت لفترة طويلة في الولايات المتحدة. فليأتوا بدليل على الدعم الخارجي هذا. ونحن مستعدّون للنقاش."
بالعودة إلى الشمال، مربط المشروع الفيدرالي بوجهه السُني، يربط مرجع أمني شمالي بين هذا الطرح وبين علاقة مدير مؤسسة "لايف" الحقوقية المحامي نبيل الحلبي، بالدكتور رياشي. فالحلبي في تنسيق دائم ومباشر مع مفاتيح شمالية، من بينهم ن.م. مؤسس دار تُعنى بالأيتام والأعمال الخيرية، وأ.ح. وهو ناشط في منتديات الحلبي وينتسب إلى "الجماعة الإسلامية"، أحد أذرع "الإخوان المسلمين"، ومرجعيتهم تركيا وقطر حالياً. "الجماعة" التي كانت نظّمت في 12 شباط الماضي ندوة لكوادرها القيادية حول الفيدرالية. بالإضافة إلى أ.ط. وهو ناشط طرابلسي أيضاً.
حاول الحلبي مع هؤلاء أن يرسموا للطرح الفيدرالي وجهاً إسلامياً سنياً، عبر تأمين غطاء إسلامي له، في سعيٍ حثيث لإلباس عباءة هذا الشريك الإسلامي إلى بهاء الدين رفيق الحريري، نظراً للعلاقة التي تجمع الرجلين (الحلبي والحريري). ولكن يبدو أنّ الأخير قد "انكمش" وتعرّض الغطاء السني لنكسة بانكماشه، كما ينقل المصدر الأمني لـ"أساس".
وفي آخر اجتماع بين الحلبي وبين المفاتيح الشمالية الثلاثة، قال لهم حرفياً عندما سألوه عن موقف بهاء الحريري وتأخّر دعمه للمشروع: "ممنوع أن يحاول أحدكم الاتصال ببهاء". وأضاف: "اطمئنوا، فإذا لم نتلقَّ الدعم من بهاء، فهناك دعم خارجي سوف يتأمّن لنا، وسنكمل بمشروعنا مع بهاء أو من دونه"، هذا بحسب مصدر موثوق لـ"أساس".
حاول الحلبي مع هؤلاء أن يرسموا للطرح الفيدرالي وجهاً إسلامياً سنياً، عبر تأمين غطاء إسلامي له، في سعيٍ حثيث لإلباس عباءة هذا الشريك الإسلامي إلى بهاء الدين رفيق الحريري، نظراً للعلاقة التي تجمع الرجلين (الحلبي والحريري). ولكن يبدو أنّ الأخير قد "انكمش" وتعرّض الغطاء السني لنكسة بانكماشه، كما ينقل المصدر الأمني لـ"أساس".
وفي آخر اجتماع بين الحلبي وبين المفاتيح الشمالية الثلاثة، قال لهم حرفياً عندما سألوه عن موقف بهاء الحريري وتأخّر دعمه للمشروع: "ممنوع أن يحاول أحدكم الاتصال ببهاء". وأضاف: "اطمئنوا، فإذا لم نتلقَّ الدعم من بهاء، فهناك دعم خارجي سوف يتأمّن لنا، وسنكمل بمشروعنا مع بهاء أو من دونه"، هذا بحسب مصدر موثوق لـ"أساس".
وتكشف لـ"أساس" عن "لقاءات خارجية كما داخلية لبلورة الطرح الجدّي". وترفض الاتهامات بوجود تمويل خارجي: "دعمنا ذاتي وباللحم الحيّ من الأعضاء والمتطوّعين أنفسهم". وتستغرب عيتاني محاولات شيطنة الفيدرالية "وهي الحلّ الوسطي بين العلمنة ودولة فيها طوائف، وهي لحماية التعدّدية بالأساس وليس تشويهها". وتشير عيتاني إلى تكثيف اللقاءات التوعوية في الداخل لتعريف الناس بالمعنى الحقيقي للفيدرالية. إذ تظنّ أنّ الكلمة "مخيفة" بسبب "الفهم المغلوط لها والمرتبط بالحرب الأهلية". وتوضح أنّ "هناك تجاوباً في الداخل اللبناني من بيئات وطوائف مختلفة: لكن معظم الاشخاص لا يزالون يتخوّفون من الحكم المسبق على مناصري الفيدرالية، ولذلك يناصرون الفيدرالية بصمت".
فإذا كان الطرح جدّياً، ألا ينحو باتجاه تقسيم لبنان وتدميره، على شاكلة العراق وسوريا، بأيادٍ داخلية ودعم خارجيّ. هذا ما يقوله مدير مركز عصام فارس، سفير لبنان السابق في واشنطن، عبد الله بو حبيب. فيحذّر من خطورة الطرح على كلّ مكوّن في لبنان: "كونه يمهّد لسيناريو عراقي في لبنان. فالعراق يعيش الفيدرالية المشوّهة، ونحن سنكون أمام سيناريو مشابه في حال تطبيق الفيدرالية لأنها حتماً ستقودنا إلى الفوضى الهدّامة. فالفيدرالية لا يمكن تطبيقها في لبنان حيث كلّ طرف يريد أن يتسلّط على الآخرين، لاسيما مع غياب حكومة مركزية قوية، تمتلك القوة المالية أو القوّة الضاربة". ويتابع: "جرّبنا الفيدرالية في الحرب الأهلية وكانت نتائجها كارثية، وتناحرت الطوائف ليس فيما بينها فقط، بل سالت دماء داخل الطائفة الواحدة أيضاً".
ويدعو بو حبيب عبر "أساس" إلى عدم الغوص بهذا الطرح: "لأننا كلبنانيين إذا كنا نتمتع بالقليل من الديمقراطية، فهو بسبب التعدّدية التي يتمتع بها بلدنا".
ما يعزّي، بحسب معلومات "أساس"، أنّ "الطرح وكلّ من يدور في فلكه باتوا تحت الرصد الأمني لتجنيب لبنان خضّاتٍ لا نحتاجها في ظلّ الظروف الصعبة التي نمرّ بها".