نصرالله يلوّح بخطر داعش ويطرح الاستفتاء و"العقد السياسي" الجديد
اختار أمين عام حزب الله خطابه العاشورائي، لرسم جدول حزب الله للمرحلة المقبلة. فصّل خطابه إلى نقاط، تبدأ في الملف اللبناني الداخلي، وتنتهي في تكريس معادلة الردع مع العدو الإسرائيلي. وما بينهما، أكد ثبات حزبه على موقفه في رفض الإعتراف بإسرائيل وأي علاقة معها، مديناً كل القوى والدول العربية التي تعترف بالكيان الإسرائيلي وافتتحت علاقات رسمية وعلنية معه. تلقف المبادرة الفرنسية وأبدى استعداداً للنقاش في تطوير النظام السياسي، لكنه استحضر الجانب الشعبي من خلال الاستفتاء. وهنا نقطة قوته في عدم تشرذم الطائفة الشيعية من خلفه، وقد جدد التأكيد على التحالف المتين مع حركة أمل. وفي استعادته لذكرى "تحرير الجرود" حذّر نصر الله من إعادة انتاج تنظيم داعش، ما يعني عدم إسقاطه نظرية الأحداث الأمنية المدبّرة، بما يجفل المسيحيين خصوصاً.
حكومياً قال نصر الله: "نحن نأمل أن تتمكن الكتل النيابية يوم غد (الاثنين) من تسمية مرشح يحظى بالمقبولية المطلوبة دستورياً ليكلف بتشكيل الحكومة الجديدة. نحتاج إلى حكومة قادرة على النهوض بالوضع الاقتصادي والحياتي وإعادة الإعمار وإنجاز الإصلاحات. ونحن نؤيد الذهاب بها الى أبعد مدى ممكن. وسواء في تسمية رئيس للحكومة أو تشكيلها، سنساهم في إخراج البلد من الفراغ."
الاستفتاء وتمثيل الشعب
وطرح نصر الله معادلة الاستفتاء الشعبي. وهي طبعاً ستكون نتائجها في صالحه بحكم الأكثرية والإختراقات التي يسجلها في صفوف كل البيئات والطوائف والمناطق، مشيراً إلى أنه قد يأتي أحد من الخارج أو الداخل ويفترض مجموعة مطالب.. ويفترض شكل من أشكال التمثيل ويقول أنه يمثل الشعب. أنا أدعو إلى معالجة هذه المسألة، بمعنى أننا متفقون على أن أي دولة أو حكومة أو مجلس نيابي أو أي مؤسسة يجب أن تحقق أماني الشعب. الشعب اللبناني واضح من هم. وهم حوالي خمسة ملايين بين مقيم ومنتشر ومغترب. مطالب الشعب اللبناني كيف يمكن معرفتها؟ هل نعتمد أسلوب التظاهرات كما يفعل البعض؟ إذا نزل عدة آلاف وطرحوا مطالب هل هي التي تمثل الشعب؟ وإذا نزل بوجههم عشرات الآلاف هل هم يعبّرون عن الأكثرية؟ إذا تم الإتفاق على هذه الآلية (الاستفتاء) فلنستخدمها للتعبير على مطالب الشعب، التي يجب على الدولة والمجتمع الدولي أن يتعرف بها.
ولفت إلى أن هناك دعوات دولية وإقليمية ومحلية عنوانها الإستجابة لمطالب الشعب اللبناني والشارع اللبناني، وحكومة تعبر عن إرادته. هذه دعوات ممتازة ومحقة بلا نقاش. لكن هي كلام حق (.. يراد به باطل). رغبتنا نحن في لبنان دائما أن تعبر الحكومة والدولة بكل مؤسساتها عن رغبات شعبنا وتترجمها عمليا وواقعيا. هنا يجب أن نكون واضحين لأنه توجد مغالطة أساسية. وسأل:" هل نعتمد مثلا آلية الاستفتاء الشعبي؟ استطلاع رأي؟ أي شيء تريدونه، نحن حاضرون للمناقشة. ولكن هذا الموضوع يجب معالجته حتى نفهم على بعضنا، ونقطع الطريق على كل من يفرض مطالب وأماني ويقول عنها مطالب شعبية.
وقال نصر الله: "نحن لا ندعي أننا نعبر عن إرادة كامل الشعب. نحن نعبر عن إرادة من نمثلهم. لذلك هذا الموضوع بحاجة الى علاج. من قال أن الشعب يريد حكومة حيادية ومستقلين أو حكومة تكنوقراط أو حكومة سياسية أو تكنوسياسية؟ هناك وسيلة واحدة، إذا اعتبرنا أن الانتخابات تعبر عن الشعب. والأكثرية النيابية هي التي قالت الشعب يريد حكومة على هذه الشاكلة".
عقد سياسي جديد
إلى جانب الدعوة للاستفتاء الشعبي، تلقف نصر الله دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى عقد سياسي جديد، قائلاً: "سمعنا انتقادات فرنسية حادة للنظام الطائفي في لبنان. أود أن أقول أننا منفتحون على أي نقاش هادئ في مجال الوصول الى عقد سياسي ولكن شرط أن يكون هذا الحوار بإرادة ورضى مختلف الفئات اللبنانية. من الجيد بعد مئة عام على قيام دولة لبنان الكبير أن يناقش اللبنانيون هذا الأمر. لو افترضنا أن مرجعية دينية أو سياسية أو حزب ودعا اللبنانيين إلى عقد سياسي جديد، لكانوا اعتبروه عميلاً وتسبغ على دعوته أبعاد طائفية ومذهبية. قبل سنوات لم أتحدث عن عقد سياسي جديد بل عن مؤتمر تأسيسي لتطوير الطائف وهو عقد سياسي موجود وقائم ونتذكر ردود الفعل وقمت بسحب الطرح".
الثنائي.. وإسرائيل
وحول الوضع الشيعي أكد نصر الله على عمق العلاقة بين حزب الله وحركة أمل والتعاون والتنسيق والتكامل بينهما. وهو الذي يحقق دائما أكبر مصلحة للبنان، وهي حماية لبنان من خلال معادلة الجيش والشعب والمقاومة. بعض الأحداث المؤسفة بين الشباب في بلدة هنا أو هناك بفواصل زمنية متتابعة. تحصل أمور مرفوضة ومدانة ويجب أن تواجه بوعي، لكنها بالتأكيد وبفعل العلاقة المتينة بين القيادتين نستطيع أن نتغلب على هذه الأحداث بوعي ومسؤولية وحزم.
عن معادلة الردع مع الإسرائيلي قال نصر الله إن "على الإسرائيلي أن يفهم أنّه عندما يقتل أحد مجاهدينا سنقتل أحد جنوده، واذا شعروا بحركة معينة يبدأ بقصف محيط مواقعهم في مزارع شبعا والمنارة والقطاع الغربي. وهذا يعبر عن حالة الارتباك والقلق والهلع. لو أردنا الرد من أجل المعنويات أو الإستهلاك الإعلامي لكنا قمنا بهذا الأمر منذ أول يوم. لكن نحن لا نسعى الى إستهلاك إعلامي. نحن نريد تثبيت معادلة قوامها الرد على قتل أحد مجاهدينا بقتل جندي إسرائيلي في المقابل. لا نبحث عن آليات لضربها. هو يعرف أننا لا نريد صورة بل يعرف أننا نبحث عن جندي لقتله، وهو يخبئ كل جنوده مثل الفئران. وهذه نقطة قوة للمقاومة وهذا ليس فشلاً.. بل نقطة قوة. هو يريد أن يحصل أي شيء "وخلصونا".
وأضاف:"ما فعله الاسرائيلي قبل أيام وقبل أسابيع مسجل بالحساب و"جاي حسابه"، هذا قرار قاطع وحاسم. المسألة مسألة الميدان والوقت ونحن "مش مستعجلين". في نهاية المطاف ستخرجون إلى الطريق وسنلاقيكم. التهديدات لا يمكن أن تثنينا عن تثبيت الإنجاز في الحفاظ على معادلة الردع".