بيروت اوبزرفر عن جريدة النهار
الطبقة السياسية تعبيرٌ غامض. يزيد في غموضه ملحق “المنظومة”. في بلاد الناس التي نحاول عبثاً الاقتداء بها هنالك أحزاب سياسية ذات برامج تتداول السلطة، لأن تداول السلطة مع فصل السلطات هو أساس الديموقراطية السياسية. وفي لبنان شخصياتٌ لها أحزاب تابعة لها تتصارع على السلطة.
إزاء الأنظمة الديموقراطية المتقدمة التي لا يهتم بعض زعماء لبنان سوى بمدنها السياحية وشواطئها للراحة من عناء الصراعات الشخصية، عندنا وجوهٌ لا تتغيّر وهي ذاتها منذ عقود. وعندما التقاهم الرئيس الفرنسي مرتين أطلق عليهم اسم “الطبقة”.
أثار حديث رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عن “إعادة النظر في كلّ التركيبة اللبنانية”، إذا أصرّ “حزب الله” على انتخاب “رئيس على ذوقه”، بناءً على تسوية خارجية – داخلية، اهتمام الجمهور والمراقبين، خصوصاً حين برّر حديثه بأنّه من غير المقبول “أن نبقى والأجيال اللاحقة تحت سيطرة “حزب الله” اللاشرعية”، قبل أن يذهب إلى الإحالة الفجّة مخاطباً الأمين العام للحزب: “الله يوفقو مطرح ما هو بسّ ما بقا فينا نكمّل هيك”.
ما وقد حصل ما حصل من فراغ يتكرر بعد كل ولاية رئاسية، فان ما يبدو واضحا للعيان ان المشكلة ليست في الاشخاص، واكثرهم لا يتمتع بكفاءة، ولا بثقافة دستورية، بل في الدستور. ومع تمسكنا باتفاق الطائف وبضرورة تطبيقه، الا ان الاكيد ان البلاد لا تقاد بحسن النية، بل بالزامية القوانين والدساتير، وقد تبين من التجربة ان لا مخارج قانونية ودستورية ملزمة للخروج من الازمة، بل ان المتوقع بات دائما مبادرة او تدخلا خارجيين، وهذا امر معيب اخلاقيا ووطنيا، وامر ناقص السيادة، ويفضح عيوبا دستورية.
كُتب ولا يزال يُكتب عن المشاركة الشيعية في منتدى الطائف الذي رعته سفارة المملكة العربية السعودية السبت الماضي في قصر الأونيسكو. وقد انبرى الرئيس نبيه بري الذي هو المسؤول السياسي الأرفع مستوى في الطائفة الى توضيح موقفه. فهو عندما سئل غداة المنتدى عن الأمر كان له هذا الجواب:
“لم نتغيّب عن المنتدى، وكان هناك ممثل عني وعن كتلة التنمية والتحرير، لكن عريف الحفل هو من غيّبنا”.
أخيرًا بَقّهَا السيد حسن نصرالله: “الجنوبُ والبقاعُ والشمالُ وعكّار أطرافٌ تَـمَّ إلحاقُها بلبنانَ الكبير عامَ 1920” (09 أيار 2022). لكنَّ سماحتَه تناسى أمرين: الأوّل أنَّ هذه المناطقَ استُعيدَت ولم يَتِم السطوُ عليها وإلحاقُها بالقوّة بلبنان. والثاني، وهو سابقٌ ومُتمِّمٌ للأوّل: أنَّ المجلسَ التمثيليَّ اللبنانيَّ، المتعدِّدَ الطوائفِ المسيحيّةِ والإسلاميّةِ، اتّخذَ في أيّار 1919 قرارًا طالبَ به مؤتمرَ الصُلحِ المنعَقِدَ في باريس “الاعترافَ باستقلالِ لبنان في حدودِه الطبيعيّة”.
من يراقب كيف لوت نصوص وفقرات وبنود القانون الانتخابي اللبناني اعناقها للسلطويين كمسلسل تدجين طغت عثراته على مشاهده السوريالية ونوعية اكثرية المرشحين ودوافعهم في بلد يتجه نحو الرأي الاوحد وتعدد البنادق يدرك صعوبة التغيير وليس استحالته الذي دونه برامج ثورية وثوار على مستوى القضية.
الصفحات